- الزيارات: 1382
الفاو: إنقاذ البذور والنباتات الحية
قبو سالفبارد للبذور المخزن المهم في الشبكة العالمية لحماية الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة، الذي تُخزّن فيه بذور محاصيل أساسية في قبو تحت الأرض بالقرب من سفالبارد في النرويج، وهي مناسبة تلفت الاهتمام إلى أهمية المحافظة على البذور الأساسية للغذاء والزراعة.
إن الموارد المخصصة لـقبو سفالبارد العالمي للبذور، الذي يضم الآن بذور حوالي مليون نبات فريد، والاهتمام الذي يحظى به هو موضع ترحيب كبير. وفيما عمل المزارعون على مدار آلاف السنين على إنتاج المحاصيل الزراعية، يرتبط التركيز على المحافظة على تنوع المحاصيل خارج بيئاتها الطبيعية تاريخياً بعالم البنات الروسي نيكولاي فافيلوف، الذي أنشأ واحداً من أوائل بنوك الجينات في روسيا في عام 1921. وفي إطار سعيه للقضاء على جميع حالات المجاعة في العالم، سافر فافيلوف إلى أكثر من 60 بلداً، واستمع إلى المزارعين وعمل على جمع البذور، آخذاً بعين الاعتبار الإمكانات التي توفرها هذه البذور في إنتاج محاصيل زراعية خلال ظروف أصعب وفي عالم متغير.
واستخدمت المدخلات من بنوك الجينات التي تم إنشاؤها فيما بعد، لتطوير أصناف محاصيل أكثر ملائمة للإنتاج الغذائي، مثل تلك التي أثبتت مقاومتها لأمراض الصدأ التي يمكن أن تؤدي إلى القضاء على محاصيل القمح والذرة، وإنتاج أصناف أرز قادرة على مقاومة ملوحة التربة، وتقوية المحاصيل عالية الاستزراع، والمساهمة في خلق ابتكارات قد تتطلبها الظروف المناخية المتغيرة، مثل سرعة النضج أو القدرة على تحمل الجفاف.
المحاصيل البرية
وفي الوقت الذي يعتبر فيه التركيز على الحفاظ على البذور الأساسية في بنوك الجينات أمراً ضرورياً، يتواجد الكثير من الموارد الجينية، اللازمة لضمان إيجاد نظم غذائية مستدامة، في المزارع على شكل أصناف المحاصيل التي يزرعها المزارعون والأصناف الأصيلة في البيئة المحلية، وتلك أيضاً الموجودة في الطبيعة بصفتها كأقارب برية للمحاصيل.
على سبيل المثال، يعتبر محصول عباد الشمس محصولاً أصيلاً في أمريكا الشمالية، وقد تم جمع عينات من 53 نوعاً من الأقارب البرية لهذا المحصول وتخزينها. وقد تم تطوير أصناف ذات محتوى زيتي مرتفع في روسيا، تلتها تحسينات كبيرة قادها عالم فرنسي استغل الطفرات الجينية في عباد الشمس البري، حيث يزرع هذا المحصول الآن اليوم في أكثر من 70 بلداً ويحقق عائداً سنوياً قدره 20 مليار دولار.
تتعرض النباتات البرية، ولا سيما تلك المتعلقة بالمحاصيل الأساسية الصالحة للأكل، لتهديد متزايد وتتطلب بذل المزيد من الجهود للحفاظ عليها والاستفادة منها. ونادراً ما تكون هذه النباتات جزءا من برامج التحسين المكثفة للمحاصيل. ومع ذلك، يدرك الخبراء أنهم غالباً ما يستطيعون تطوير خصائص مثيرة لها أثر هائل على المحاصيل.
هذا هو السبب الذي يدفع الباحثين إلى التوجه إلى آسيا الوسطى بحثاً عن أصناف فاكهة التفاح، وإلى بابوا غينيا الجديدة للبحث عن أصناف قصب السكر. وقد أدهشهم العثور على موز بري في جنوب شرق آسيا، وهو ما قد يساعد على زراعة محصول موز مقاوم للفطريات القاتلة التي تفتك بصنف كافينديش (Cavendish) من الموز الأكثر شيوعاً في العالم.
وقد اكتشف الباحثون مؤخراً معلومات لم تكن معروفة من قبل عن التاريخ الوراثي للأقارب البرية للحمص المزروع، مما يوفر إمكانات واعدة لواحد من الأغذية الشعبية التي يعوق عملية تحسينها نقص شديد في التنوع الجيني.
ينمو الكثير من المحاصيل الغذائية المهمة محلياً في أجزاء من العالم تواجه تغيرات سريعة ومستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي. ولمساعدة البلدان في إنجاز مهمة شاقة تتمثل في حماية الأنواع ذات الصلة بإمداداتها الغذائية في موائلها الطبيعية من خلال مواصلة تطوير خصائص هامة للتكيف مع التغيرات، نشرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) مؤخراً توجيهات طوعية للحفاظ والاستخدام المستدام للأقارب البرية للمحاصيل والنباتات الغذائية البرية.
يقول شيكلو مبا، عالم الوراثة النباتية، وقائد فريق البذور والموارد الوراثية في الفاو :"أنقذتنا الأقارب البرية للمحاصيل مرات عديدة، وقد تصبح مكونات مهمة جداً في جهودنا تجاه التصدي لتغير المناخ".
ويعتبر مبا أن إنشاء مناطق محمية هو خطوة أساسية في هذا الاتجاه، ويضيف: "في الواقع، يمتلك كثير من البلدان مثل هذه المناطق، وهناك إمكانية للجمع بين عملية المحافظة على الأقارب البرية للمحاصيل وعملية الحفاظ على الطبيعة". ويشير مبا إلى أن "القليل من تلك البلدان يعرف ماذا يوجد في تلك المناطق."
التغلب على تهديد الانقراض
ولا بد من التعجيل بجهود الحفاظ على الأقارب البرية للمحاصيل الآن لأن تغير المناخ وتمدد المدن وتغير أنماط استخدام الأراضي يشكل تهديداً وشيكاً على نحو متزايد لبقاء العديد من هذه الأنواع غير المعروفة نسبياً.
يقول رن وانغ، المدير العام المساعد للفاو ورئيس قسم الزراعة وحماية المستهلك: "إن تنوع كل من الأقارب البرية للمحاصيل والنباتات الغذائية البرية آخذ بالتلاشي باستمرار، ويمكن أن ينقرض الكثير منها إذا لم يتم الوقوف على مستوى الإهمال الحالي".
تميل الأقارب البرية للمحاصيل إلى أن تكون أكثر تنوعاً وأكبر إنتاجاً في بيئة المنشأ الأصلية للمحصول الغذائي، مثل البطاطا في جبال الأنديز وقصب السكر في آسيا، وكذلك في مناطق التنوع الثانوي، كما هو الحال مع الطماطم في منطقة حوض البحر المتوسط والكسافا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. يساعد هذا الاستنتاج، الذي يعتبر واحداً من الرؤى الرائدة لعالم النبات الروسي نيكولاي فافيلوف، في اختيار المواقع المناسبة لمناطق الحفاظ على الأقارب البرية للمحاصيل.
المصدر : منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة